فؤاد الخرسا: السلام عليكم. هل هيأ مؤتمر وزراء
الخارجية العرب في القاهرة الاجواء الملائمة لنجاح قمة الرياض المقبلة؟ كيف
تعامل المؤتمرون مع المبادرة العربية لقمة الـ 2002 في ظل رفضها اسرائيلياً؟
هل اسس وزراء الخارجية العرب لقرارات حاسمة تتخذها القمة المقبلة حول فلسطين
و العراق و السودان و لبنان؟ كيف اتفق المؤتمرون على مواجهة المشروع
الاسرائيلي و التصدي للانتهاكات في القدس المحتلة؟ هل تعكس مقاطعة ليبيا
للقمة المقبلة اجواءاً عربية خلافية تؤثر في قراراتها؟
فؤاد الخرسا: استاذ فؤاد، هل هيأ مؤتمر القاهرة الارضية
المناسبة لنجاح قمة الرياض المقبلة؟ فؤاد مطر: اتصور ان بعض القادة العرب هيأوا قبل وزراء الخارجية لهذا المؤتمر و ذلك من
خلال اللقاءات. نلاحظ لقاء بين الرئيس المبارك و الملك عبدالله بن عبدالعزيز،
لقاء آخر بين الملك عبدالله الثاني و الملك عبدالله بن عبدالعزيز. اتصالات
حثيثة عبرالهاتف و عبرالرسل الامنيين و الدبلوماسيين. وزراء الخارجية وجدوا
امامهم الآن ارضية وفاقية الى حد كبير يساعد على ذلك ان المملكة العربية
السعودية لاتميل الى استضافة القمة العربية الا اذا تأكدت من نضوج كل المسائل
و نجاحها. فؤاد الخرسا: هل تعتقد ان الوزراء
نجحوا في تحصين المسائل التي يفترض ان يناقشها الملوك و الرؤساء في القمة و
ان يصدر بياناً واضحاً ام مازالت هناك بعض الخلافات التي تتحكم فيها قبل
الوصول الى القمة؟ فؤاد مطر: اذا استثنينا
الموقف الليبي الذي له طابع المشاكسة و الموقف القطري الذي يندرج في حساسيات
معينة مألوفة بين المملكة و دولة قطر ، عدى ذلك هنالك انسجام نوعي اضطراري في
بعض ملامحه. و عندما يحصل هذا الانسجام تكون النقاط الخلافية شهدت بعض
الليونة و منها الموقف بالنسبة الى سوريا ، بالنسبة الى لبنان، بالنسبة الى
الفلسطينيين و الموقف بالنسبة الى العراق.
فؤاد
الخرسا: استاذ عقل، هل فعلاً مؤتمر وزراءالخارجية العرب هيأوا الاساس
الصالح للقمة المرتقبة في الرياض و بالتالي ربما نحن سنشهد على قمة مختلفة من
حيث القرارات التي ستصدر عنها ام ان اجواء خلافية ما ربما كانت في الكواليس
تنتظر العلن قد تعطل ما ينتظره العرب من هذه القمة؟
عقل الباهلي: انا اعتقد ان دور مؤتمر وزراءالخارجية
العرب هو لبلورة المواقف سواء التي عليها خلاف او المواقف التي تحتاج الى
عرضها على القمة نتيجة لاهميتها في واقع الاحداث العربية. انا اعتقد ان
وزراءالخارجية العرب استطاعوا ان يجعلوا الملفات الاساسية في الوضع العربي هي
اولوية. و بالتالي ايضاً دور مؤتمر وزراءالخارجية هو تقديم اجندة يطمح
وزراءالخارجية العرب و تطمح الدول العربية الى ان تكون هذه الاجندة الى حد ما
قابلة للخروج بقرارات. حينما تعرض هذه الاشياء على القمة او قبل القمة قد
تفرز بعض المماحكات السياسية، بعض مواقف، هذا شيء طبيعي في كل المؤتمرات
الدولية خصوصاً في المنطقة العربية مثل الموقف الليبي و المواقف القطري على
سبيل المثال. ربما يفسر بأنه شيء كبير في وجه القمة. انا اعتقد ان هذا غير
صحيح. القمة هي في الطريق الصحيح و عمل القادة العرب و عملت آليات الجامعة
العربية لانعقادها في وقتها المحدد و ليس اول مرة يحدث ان يكون هناك ملاحظات
من بعض الاعضاء في الجامعة العربية. فؤاد
الخرسا: دكتور عبدالولي، فيما يتعلق بالاجواء التي يفترض ان تكون مهدت
لقمة الرياض، هل يمكن ان نقول ان القمة المقبلة ستركز على عدد محدود من
القضايا الرئيسية حتى لاتضيع في ركام المشاكل الكثيرة؟
د.عبد الولي الشميري: هناك دورة عادية لمجلس وزراء
الخارجية العرب ناقش القضايا التي عادةً تناقش و هي البنود المطروحة على جدول
الاعمال للقمة و التي نتوقع ان تصدر بها قرارات القمة العربية القادمة في
الرياض لكن هناك قضايا جديدة و كانت في حاجة الى مناقشة بشكل جديد و بفكر
جديد و هي المستجدات على الساحة العربية . لم تكن هناك الملفات العتيقة و
القضايا ذات الجرح القديم، ذات جمود لكن تجدد شيء في ملف الصومال و تجددت
اشياء في ملف فلسطين و ملف لبنان و ملف العراق و السودان في دارفور اضافة الى
كثير من الجراح التي هي بحاجة الى بلسم من القادة العرب عند اجتماعهم في
الرياض في اواخر هذا الشهر ليضغوا بلسماً كفيلاً بعلاج الجروح التي تعانيها
الامة العربية. طبعاً وزراءالخارجية لم يكن هناك اي تباين في وجهات النظر في
قاعة مجلس الجامعة خلافاًَ لكثير من الدورات السابقة و انما كان هناك محاولة
جماعية لتجميل الصياغة في قرارات القمة و التكثيف اللفظي و في نفس الوقت تبقى
اشياء لابد ان ترفع للزعماء العرب و هي التي تحتاج الى تحديد ارقام أو وضوح
اكثر. فؤاد الخرسا: هناك من تحدث عن ضرورة
وجود آلية للتنفيذ. لماذا نتحدث عن آلية دون ان نشرح ما هي هذه الآلية
؟ د.عبد الولي الشميري: الصياغة كانت تعني
تقارب وجهة النظر في الفاظ واضحة و الفاظ تحمل معاني و المعاني تحمل حلول . و
من هذه القرارات تفعيل المبادرة العربية التي كانت في قمة بيروت و هذه الآلية
التي تم اقتراحها لم تكن جديدة من هذه القمة لكنها جديدة قديمة و يؤسفنا جداً
انها مبادرة من طرف واحد و الآلية ايضاً من طرف واحد ولم يعبأ بها الطرف
الآخر. ولو كانت اسرائيل و من يقف وراءها يثمنون هذه المبادرة لكانت حلت كثير
من المشاكل و حقنت كثير من الدماء و ما ستظل المنظومة العربية تطالب و تعمل
بجدية للوصول الى تنفيذ هذه المبادرة العادلة و هي يبدو الطريق الأخير اكثر
من خارطة الطريق و غيرها. فؤاد الخرسا: استاذ
فؤاد ، المبادرة العربية جرى التركيز عليها في هذا المؤتمر و الأسرائيليون
اعلنوا رفضهم لها بوضوح. هل هذه المبادرة كما هي سيتبناها الملوك و الرؤساء
في القمة المنتظرة ام ربما هناك بعض التعديلات خصوصاً اذا ما حاولنا ان نقول
ان على المجتمع الدولي ان يتحرك و المجتمع الدولي كلمة فضفاضة ، المقصود
الأميركي ان يتفهم ما يريده العرب و ربما فرض ما يمكن ان نعتبره تغييراً
جوهرياً فيها. هل تعتقد هذا سيحصل؟ فؤاد مطر: اولاً المبادرة العربية لا خلاف عليها من الدولتين المقاطعتين بالدرجة الأولى
لأن الطبيعة السياسية للتوجه الليبي لم يعد كما كان عليه في الماضي. المقاطعة
لا علاقة لها بمسألة المبادرة العربية. لنأخذ في الأعتبار امر اساسي و هو ان
الذي لا يمس و لا يعدل هو الكتب السماوية، حتى الدساتير قابلة للتعديلات.
فؤادالخرسا: لكن هناك نقطتان اساسيتان ، ما له علاقة بحدود الـ 67 و ما له
علاقة بحق اللاجئين بالعودة. هاتان النقطتان يحاول الأسرائيليون ان يركزوا
عليهما و يرفضونهما بالمطلق. هل هذا الأمر يمكن ان نقدمه حتى نتحدث عن
تعديلات ام هو ثابت في الموقف العربي؟
فؤاد
مطر: يجب ان ننظر الى الموقف الفلسطيني. الموقف الفلسطيني الآن يختلف
عما كان عليه سابقاً. اذا نجح الوفاق الفلسطيني و ترجم الى حكومة ذات موقف
موحد ، الأمر في الحال يختلف. اذا وافق الفلسطينيون على التعديل و انا لا ارى
غير تعديلات ، و قد تكون تعديلات صادمة لكن لا بد منها لتقريب وجهات النظر و
لكي يقف المجتمع الدولي اكثر من المبادرة و يساعد على تنفيذها.
فؤاد الخرسا: استاذ الباهلي، ايضاً موضوع المبادرة و ما
يحكى عن امكان لحدوث تعديلات. هل تعتقد في الثوابت يمكن ان تخضع هذه المبادرة
لتعديلات سواء اخذ بالموقف الفلسطيني ام لم يؤخذ فيه ؟ هل تعتقد الموقف
الفلسطيني هو الأساس فيما له علاقة بهذه المبادرة ام يعود للعرب جميعاً ؟ كيف
يمكن ان يتعاطوا مع هذه المبادرة؟ عقل الباهلي: المبادرة العربية بلا شك اصلاً لم تقر الا بموافقة الجانب الفلسطيني و
هو صاحب الحق الشرعي في كل القرارات الصادرة من الجامعة العربية على اقل
تقدير. ما صدر منذ نكبة 48 ما صدر من الجامعة كان دائماً برغبة من
الفلسطينيين. لكن مسألة ما يثار من الجانب الأسرائيلي في مسألة التعديل ،
طبعاً الأسرائيليين في الفترة الأخيرة استغلوا القضايا التي اقحمت بها
المنطقة العربية و ما دخل على المنطقة من قضايا سواء في العراق او في حرب
لبنان و بالتالي هذا احدث شروخ و ضعف في الموقف العربي. بالتالي الأسرائيليين
وجدوا انه من حقهم و هم يريدون اكبر تنازل يحصلون عليه من حق العودة و 67.
انا لا اعتقد بأن الأسرائيليين جادين في مسألة حدود 67. انا اعتقد بأن القضية
الأساسية في المبادرة العربية ربما تكون قضية اللاجئين. و قضية اللاجئين
اصلاً منذ اوسلو و هي جانب ضعيف في الطرح دائماً و بالتالي دائماً كانت توزع
في الأجندات القادمة للحل . فؤاد الخرسا: هل
نحن الآن امام وحدة موقف عربي يتعلق بهذه المبادرة حتى يتم فرضها بعيداً عن
موضوع الضغوط الأسرائيلية و كيف يمكن للأميركيين ان يتعاطوا معها خصوصاً و ان
الأستاذ مطر يعتقد انه ربما ادخلت بعض التعديلات بأستثناء ما هو
ثابت. عقل الباهلي: انا لست مع هذا الرأي .
انا اعتقد ان القمةالقادمة ستؤكد على المبادرة العربية بكل بنودها لأنه في
الوقت القريب جرى دعم المبادرة من المجتمع الدولي و هذه لأول مرة يكون فيه
اجماع عربي يجري الموافقة عليه من المجتمع الدولي. اذا كان هناك افكار تصاغ و
مبادرات جديدة او تغييرات ، هذا شيء في حكم الغيب. الأسرائيليون طرحوا رغبتهم
في التعديلات . لكن انا اعتقد انه ليس من المهم و لا يجب انه العرب قبل ان
يجلس الفلسطينيين و الأسرائيليين لأعادة المسار التفاوضي الى مجراه الصحيح.
من خلال المفاوضات الفلسطينية الأسرائيلية ربما يكون هناك طروحات للخروج من
ازمات اثناء الحوار. لكن انا لا اعتقد انه من مصلحة العرب الآن ان يدخلوا في
التشكيك في المبادرة العربية بأي شكل من الأشكال.
فؤاد الخرسا: دكتور شميري، الأمين العام لجامعة الدول
لعربية عندما يتحدث عن المبادرة و يقول ان اي عملية التفاف حولها لن تكون الا
السبب المباشر لسلبية الحركة السياسية العربية نحو سلام عادل. هل ايضاً هذا
الكلام يؤكد على تبني كل المؤتمرين؟ هل جسد الأمين العام وحدة الموقف العربي
بهذا الكلام؟ د.عبد الولي الشميري: ما من شك
ان السيد الأمين العام تحدث على لسان الأنظمة العربية بشكل كامل. و اسمح لي
ان اقول ان المبادرة العربية و اذا كان ما زال الحديث فيها هي مبادرة من طرف
واحد، مقبولة من طرف واحد لكن للأسف الشديد الطرف الآخر يريد ان يعدلها على
مزاجه و يريد ان يعيدها الى الصفر. ولو انصف المجتمع الدولي التي يطلق عليه
امريكا، لكفى نفسه هَمّ دعم اسرائيل بالمال و السلاح و المواقف المحرجة و
الفيتو المخزي بين وقت و آخر الى جانب اسرائيل ، لو سمع للمبادرة العربية
لكان اليوم يرفرف علم اسرائيل على كل عواصم الدول العربية و لكل دولة عربية
في تل ابيب علم. لكن هذا التردد و هذا الطمع الذي تبديه اسرائيل و تريد ان
تهدم المبادرة العربية و ان تشكك افكارها بمطالب التعديل. فاذا جئنا الى
التعديل المطلوب سنجد انها ترفض القدس عاصمة و تريد ان ترفض اللاجئين و ترفض
الحدود و السيادة. و من هنا نجد انها ستظل مبادرة مفرغة المحتوى و كاننا لن
نصنع شيئاً و من اجل هذا فان الامة العربية ليس من مصلحتها ان يشكك في
المبادرة او ان يحاول ان يدخل في موضوع تعديلها او صياغتها.
فؤاد مطر: استاذ مطر، هل القمة تستطيع ان تتخذ هذه
المواقف الحاسمة خصوصاً على مستوى المبادرة؟
فؤاد
مطر: لا هي تجدد تأييد المبادرة . اما التعديلات او اعادة النظر فيمكن
ان تتم من خلال مشاورات على هامش القمة و في وقت لاحق. لكن التركيز على
التمسك بالمبادرة، المبادرة حضيت باجماع دولي و هو اجماع اهم بكثير من رفض
اسرائيل لها. فؤاد الخرسا: استاذ فؤاد، اذا ما
استعرضنا بقية الموضوعات الساخنة ، لم تنعقد اي قمة خاصة بها. هل تعتقد اسس
مؤتمر وزراءالخارجية العرب اذا ما عدنا الى ما صدر من بيانه ، استعرضنا
البيان و اذ به خطوط عامة اكثر مما هو تفصيل باستثناء التأكيد على الثوابت.
هل اسس لقرارات سيتخذها مؤتمر القمة بشكل واضح و تحسم ما هو عالق؟
فؤاد مطر: القمم العربية ، قرارات حاسمة . هناك قرارات
جريئة شجاعة و تحتاج الى متابعة و عند الأخذ بها تصبح حاسمة.
فؤاد الخرسا: لكن هل استوقفتك العناوين؟ عندما استعرضت
ما له علاقة بهذه القضايا، هل تعتقد انها كانت مختلفة عما كان مفترض ان
يصدر؟ فؤاد مطر: الآن الشغل الشاغل للقمة و
للملك عبدالله بن عبد العزيز هو تقريب المواقف قدر الأمكان لأن المواقف
ابتعدت بسبب حساسية سورية. زيارة الرئيس الأيراني هي زيارة ساعدت و جاءت في
التوقيت المناسب. الأخذ بالمبادرة و يجري الآن عملية انضاج دولي لتبنيها و ان
كان ذلك في اطار تعديلات خفيفة. فؤاد الخرسا:
لكن السيد الشميري يتحدث عن انه مبادرة من طرف واحد. يعني الطرف الآخر هو
المشكلة . فؤاد مطر: المجتمع الدولي هو مع
المبادرة ، لا شك في ذلك لكن المجتمع الدولي محتاج ان يتبناها بصيغة الضغط
على اسرائيل. التعديلات قد تقود الى ذلك و حدوث التعديلات مرتبط بالموقف
الفلسطيني. اذا حدث شيء فتأخذ المبادرة مجراها.
فؤاد
الخرسا: استاذ عقل ، اذا ما دخلنا في موضوع العراق هناك كلام عن دعم
عربي لعقد الأجتماع الأقليمي المنتظر في بغداد و اهمية ان يكون هناك توافقاً
دولياً من اجل حل مشاكل الأزمة في العراق. هل تعتقد القمة قد تتخذ القرار
الجريء في موضوع العراق لأنه الآن ربما الملف الأكثر سخونة في
المنطقة؟ عقل الباهلي: انا اعتقد ان هناك
ملفات في المنطقة العربية تواجه الأمة العربية، ملفات بنفس القدر في مسألة
التدخلات الأجنبية و موضوع العراق تحديداً. انا اعتقد ان العرب تأخروا كثيراً
عن دعم العراق و اعتقد انه اذا كان هناك امل للأمة العربية ، لأن الذي جرى في
الماضي هو محاولة الأبتعاد عن النار المشتعلة في العراق بأقاويل كل دولة
عربية كانت لها مؤشراتها . انا املي الوحيد بأن يصدر العرب قراراً واضح
المعالم ، جريء بخصوص دعم العراق و الحكومة العراقية و المؤسسات السياسية و
المشروع السياسي في العراق. انا اعتقد انه مطلوب من القمة القادمة ان يكون
هناك رأي جماعي في مسألة دعم المشروع السياسي في العراق.
فؤاد الخرسا: دكتور شميري ، فيما له علاقة بهذا الموضوع
الحار ، المطلوب موقف عربي جريء يتعلق بموضوع العراق. هل تعتقد هذا الأمر
ممكن ام انه متروك شأنه للعراقيين لأنهم هم المعنيون بموضوعهم كما نتحدث عن
الموضوع الفلسطيني و من ان الموضوع يعود للفلسطينيين؟
د.عبد الولي الشميري: اسمح لي ان اقول ان قضية القرار
الذي نطالب به القمة العربية في المسألة العراقية اكان جريئاً ام كان محايداً
فأنه لم يعمل على اطفاء الحريق الموجود في العراق. حتى العراقيين ذاتهم لا
يستطيعون ان يصنعوا سواء اتخذوا قراراً ام لا . اذا كان من الصعوبة ان يتخذ
20قائداً قراراً موحداً فكيف بشعب 20 مليون او اكثر ان يتخذوا قراراً واحداً
لحل المشكلة العراقية؟ الذي فجر هذا الجرح هو الوحيد الذي يمكن ان يساهم و
يشارك بقرار جريء و حازم في اشفاء هذا الجرح و هي الولايات المتحدة. فالوجود
العسكري الأجنبي داخل العراق بهذه الكثافة و القتال الضاري و الشرس و كلما
سمعنا عن خطة علقنا عليها الأمل انها تحسم الموقف ، فاذا بها تفشل و اول من
يردد بها العراقيون الذين طبلوا و زمروا لها. فمن اجل هذا فالقادة العرب و
الموقف العربي سواء ايد او شجب او اعترض ، فليس بيده حل المشكل العراقي و لكن
اقول بالتعاون العربي الأيراني اذا ما ابتعدت امريكا كل الأبتعاد عن هذا
الملف و حاولت ان لا تجرب عقاقيرها التي زادت الطين بلة و تركت القضية للعقل
العربي و الأخوة في ايران بأنهم يتقاربوا في وجهات النظر و ان يقدموا نسخة
ناجحة و التف حولهم العراقيون ستصل القضية الى بر الأمان.
فؤاد الخرسا: هل تعتقد ان موضوع العراق قد يفجر خلافات
عربية ما ، ربما القمة تريد ان تتجنبها بشكل او بآخر خصوصاً و ان مؤتمر
القاهرة حاول ان يتعاطى مع الأمر من موقع العارف في ما يمكن ان يحدث من
تطورات؟ هل الموضوع العراقي يمكن ان يحدث شرخاً في الموقف العربي و هم طبعاً
ليسوا بحاجة اليه اليوم؟ د.عبد الولي الشميري: اعتقد ان الموقف العربي ، موقف الحائرو ليس قادراً على ان يقدم حلاً و لا اظن
ان المسألة العراقية او اطروحاتها سواء داخل قاعة القمة او في اجندة القمة
انها تستدعي الى ان يختلف حولها عربي و عربي، فكلاهما ليس طرف في هذا الجرح و
سواء اختلفوا ام اتفقوا فهم غير قادرين على حسم الموقف لأن هناك اطراف خارجية
و دولية و هي صاحبة الحل و العراقيون للاسف الشديد اصبحوا يعملون بطريقة
تكتيكية يومية في القتل و الدمار و الدماء.
فؤاد
الخرسا:استاذ فؤاد، ما هو تعليقك؟
فؤاد
مطر: اعتاد الاشقاء العرب على مساعدة الشقيق المبتلى باحتلال ان
يساعدوه اما بالمال او بتشجيع حركات التحرر لكي ينتهي الاحتلال. مشكلة العراق
هي مشكلة الاحتلال في الدرجة الاولى. عندما تجد ان اقطاب و رموز الحكم في
العراق يلحون في بقاء الاحتلال ، ماذا باستطاعة العرب؟ العرب في المطالبة
بموقف اعلى او افضل سيصبح نوع من المزايدة و سيسبب لهم ازمات مع الولايات
المتحدة لا يريدونها. فؤاد الخرسا: موضوع
السودان، كيف تبدو الرؤية الواحدة تجاه هذه القضية ، نتحدث عن اقليم دارفور و
هذا التدويل الجديد؟ هل بأستطاعة القمة ان تعالج هذا الأمر بشكل نهائي ام ان
وضع السودان هو كوضع العراق؟ فؤاد مطر: الذي
حدث هو تباين في الموقف العربي السوداني قبل ان يكون هناك تباين في الموقف
السوداني الدولي في موضوع دارفور. الآن يفترض بأهل الحكم السوداني ان يقتربوا
من الرؤية العربية للموضوع. اذا هم اقتربوا، ستساعد الرؤية العربية على
ممارسة بعض الضغوط او بعض التمنيات على المجتمع الدولي.
فؤاد الخرسا: لكن هل يمكن ان يترك وحيداً السودان فيما
يواجهه الآن على مستوى تدويل ازمته؟ فؤاد مطر: العالم العربي مؤمن عن حق او عن باطل بالأمم المتحدة و القرارات الدولية. وقف
السودان ضد القرارات الدولية. اصبح هنالك نوع من التقاطع.
فؤاد الخرسا: استاذ عقل، هل تعتقد موضوع السودان سيكون
تقريباً كموضوع العراق، هو من الصعوبة بحيث انه نطلب من السودانيين و من قادة
السودان ان يقتربوا من الموقف العربي بعدما اخذوا الموقف الذي يلائمهم بعيداً
عما يريده العرب على مستوى حل المنظمات الدولية؟ عقل
الباهلي: انا اعتقد ان موضوع السودان الآن في طريق اصبح بعيد عن
التأثير العربي لأن القرارات الدولية اصبحت تصدر تباعاً و كثير من العرب نصح
السودان في مراحل متقدمة جداً. مجرد ما انفجرت قضية دارفور، كثير من العرب و
كثير من اصدقاء السودان حاولوا ان يجعلوا السودان في مرحلة. الآن النظام
السوداني في خصومة مع اهل السودان او قضايا السودان. اذا كان النظام في خصومة
مع كل الكتل السياسية في السودان ، هل يمكن للعرب ان يفعلوا شيئاً ؟
فؤاد الخرسا: دكتور شميري ، هل السودان يقف وحيداً في
مواجهة ما ينتظره على مستوى تدويل موضوع دارفور ام ان القمة المنتظرة يمكن ان
تقف الى جانبه اذا ما طلب ذلك ؟ د.عبد الولي
الشميري: اسمح لي ان اقول ان الموقف العربي و الذي سيتمثل في قمة
الرياض القادمة في نهاية هذا الشهر سواء كان هذا الموقف على المستوى القيادي
او غيره. لا بد ان يتخذ منحيين ، الأول منطقي و هو ان يعرب العرب عن تأييدهم
للقيادة السودانية و الوقوف معها في سيادتها و استقلال اراضيهم و عدم التدخل
في شؤونها الداخلية و هذا هو الوضع المنطقي. لكن الواقعي لا بد انهم يتجهون
اتجاه منحى آخر و هو ان يعملوا على اقناع السودان للرضوخ لمطالب مجلس الأمن و
القبول بالقرارات الدولية على الأقل الملزمة . فأخوانهم العرب لابد ان يقفوا
موقفين في آن واحد، الموقف المنطقي و الموقف الواقعي. فؤاد الخرسا: استاذ فؤاد، اصل الى موضوع لبنان. اولاً
هناك رهان على دعم جهود جامعة الدول العربية، على مبادرة الأمين العام
للجامعة ، يعني الأعتماد على القدرة الدبلوماسية لمواجهة الواقع اللبناني بكل
هذه التعقيدات. هل تعتقد الموقف العربي هذه المرة سيشكل العامل الأساس لحل
الأزمة في لبنان؟ فؤاد مطر: لا، الآن اصبحت
الأمور اكثر يسراً. ما قبل اللقاء السعودي الأيراني و ما بعد اللقاء ، هنالك
فرق يمكن ان تلمسه في وجوه الناس و في كلامهم . الموقف العربي يشجع مثل هذا
الأمر. لا بد كان هناك ارتياح كبير عند الدول العربية خصوصاً الدول التي تريد
حلاً للموضوع اللبناني. الدور العربي لوحده لا يكفي. دخل العنصر الأيراني في
الموضوع. العنصر الأيراني بالتالي سيحدث تعديلاً في الموقف من جانب سوريا و
مثل هذا الأمر اراده بالذات الملك عبدالله بن عبد العزيز. بالنسبة للملك
عبدالله، هذا الأمر هو في منتهى الأهمية و هذا ما جعله يبذل جهداً مضاعفاً من
اجل ايجاد صيغة وفاقية للفلسطينيين. فؤاد
الخرسا: استاذ عقل ، فيما له علاقة بالموضوع اللبناني الساخن ، هل
تعتقد ما صدر عن المؤتمر الوزاري في القاهرة يجسد ما يمكن ان يصدر عن مؤتمر
القمة لجهة الدبلوماسية العربية؟ عقل الباهلي: انا استذكر الجهد الذي بذله السيد عمرو موسى لمحاولة التوفيق لكن
الوضع في لبنان مشكلته ، مشكلة دولة و دولة اخرى. الملك عبدالله و السعودية
بذلت جهد في مسألة محاولة تبريد الجانب الأيراني تجاه لبنان. انا في اعتقادي
ان الموقف الأيراني ، قضية المشروع النووي الأيراني و ما تواجهه ايران من
ازمة مع المجتمع الدولي ، جعل الحل في لبنان اكثر ملائمة . بالتالي انا اعتقد
ان الظروف الحالية ، الموقف الأيراني حاسم في مسألة ايران شئنا ام
ابينا. فؤاد الخرسا: دكتور شميري، موضوع لبنان
، هل تعتقد من خلال الأجتماع الوزاري و ما ينتظر القمة من قرارات ، هل تعتقد
انه على طريق الحل و انه هناك عودة الى الدبلوماسية العربية و قد نجحت في ذلك
؟ د.عبد الولي الشميري: اعتقد ان مشكلة لبنان
ليست لبنانية لبنانية و لكن لكل طرف مسألة لبنانية و معها ( انّ ) و لا اعلق
الأمل على اي جهود وساطة عربية او غير عربية الا انني اعلق الأمل على نتائج
القمة السعودية الأيرانية التي جرت بين جلالة الملك عبدالله و الرئيس احمدي
نجاد. هذه القمة لو دخلت في المناطق الدافئة في سر التوتر و اسبابه بين اطراف
النزاع في لبنان و واجه الرجلان الأمر بتحرك قوي نحو الحل ، فأنها
ستنفرج. فؤاد الخرسا: شكراً لك دكتور عبد
الولي الشميري كما نشكر السيد عقل الباهري و السيد فؤاد مطر المحلل السياسي.
اشكركم مشاهدينا على المتابعة و السلام عليكم .
|